ثبت في السنة الصحيحة أن ضيافة أهل الجنة أول دخولهم لها " زيادة كبد حوت "، وذلك في حديث ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أن حبرا من أحبار اليهود جاء يسأل النبي صلى الله عليه وسلم يختبره عن بعض المسائل ، فجاء في حديثه :
( قَالَ الْيَهُودِيُّ : فَمَا تُحْفَتُهُمْ حِينَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ ؟
قَالَ : زِيَادَةُ كَبِدِ النُّونِ .
قَالَ : فَمَا غِذَاؤُهُمْ عَلَى إِثْرِهَا ؟
قَالَ : يُنْحَرُ لَهُمْ ثَوْرُ الْجَنَّةِ الَّذِي كَانَ يَأْكُلُ مِنْ أَطْرَافِهَا .
قَالَ : فَمَا شَرَابُهُمْ عَلَيْهِ ؟
قَالَ : مِنْ عَيْنٍ فِيهَا تُسَمَّى سَلْسَبِيلًا ...إلى آخر الحديث )
رواه مسلم (315)
قال الإمام النووي رحمه الله :
" قوله : ( فما تحفتهم ) وهي ما يهدى إلى الرجل ويخص به ويلاطف
وقال أيضا :
" أما النون فهو الحوت باتفاق العلماء.. وأما زائدة الكبد وهي القطعة المنفردة المتعلقة في الكبد ، وهي أطيبها " انتهى من " شرح مسلم " (17/135-136)
وقد ورد إثبات ذلك أيضا في أحاديث أخرى في الصحيحين والسنن ، وإنما انتقينا هذا الحديث لما فيه من تفرقة بين أول ضيافة أهل الجنة " تحفتهم " التي هي زيادة كبد الحوت ، وبين غذائهم الذي به يغتذون بعدها ، والذي هو لحم " ثور الجنة ".
ثانيا :
لم نقف على ما يدل على الحكمة من تخصيص " زيادة كبد الحوت " في أول طعام أهل الجنة ، ولكننا نؤمن أن لله الحكمة البالغة ، وأن الله عز وجل هو العليم الحكيم ، وأنه قال عن نفسه سبحانه : ( وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ سُبْحَانَ اللَّهِ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ ) القصص/68.
وذلك لا ينفي قيام بعض العلماء بمحاولة التأمل في الحكمة من اختيار زيادة كبد الحوت خاصة ، فقال بعضهم إن في ذلك إشارة إلى نهاية الدنيا التي هي دار الزوال ، والانتقال إلى الجنة التي هي دار القرار ، لأن الحوت من الحيوانات المائية التي تشير إلى عنصر الحياة في الأرض ، والثور من الحيوانات البرية التي تشير إلى الحرث والكسب في الأرض ، فاستطعام أهل الجنة منهما إشارة إلى نهاية الدنيا وبداية الآخرة .
ينظر : " روح المعاني " ، للآلوسي (7/94) .
ثالثا :
أما فوائد زيادة كبد الحوت الطبية في طعام أهل الدنيا فهي كثيرة ، يعتني بذكرها الأطباء والمتخصصون في التغذية ، ويذكرون من ذلك : تخفيض نسبة الكولسترول في الدم ، وتخفيض الدهون في الجسم ، وتخفيف آلام المفاصل ، وهو غني بفيتامين (د) الذي له فوائد كثيرة .
ومن أراد التوسع في ذلك فعليه بالمراجع المختصة في هذا الشأن .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
تذكر قول الله تعالى:
(ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد)
*الاراء التي في التعليقات تعبر عن رأي اصحابها ولا تعبر عن رأي مدونة المبدعون